أخبارتغير المناخ
تغير المناخ يؤدي إلى زيادة الوفيات المرتبطة بالحرارة إلى 30 مرة بحلول 2100 في أوروبا
تواجه أوروبا واقعًا قاسيًا، قد يؤدي تغير المناخ إلى زيادة الوفيات المرتبطة بالحرارة بما يصل إلى 30 مرة بحلول عام 2100.
وقد تكون مدن مثل روما ومدريد الأكثر تضررًا، حيث تتسبب موجات الحر في ما يصل إلى 20 حالة وفاة إضافية لكل 100 ألف نسمة.
مع تسارع تغير المناخ، أصبح تواتر وشدة أحداث الحرارة الشديدة مصدر قلق متزايد لمسؤولي الصحة العامة.
أوروبا، المنطقة التي يتزايد فيها عدد السكان المسنين وتتفاوت مستويات التكيف مع المناخ، معرضة بشكل خاص للآثار السلبية لارتفاع درجات الحرارة.
ووفقًا لدراسة حديثة، من المتوقع أن تزيد الوفيات المرتبطة بالحرارة في أوروبا بأكثر من 30 ضعفًا بحلول نهاية القرن في أسوأ سيناريو للمناخ.
وبدون اتخاذ إجراءات عاجلة، يمكن أن تؤدي هذه الأزمة الوشيكة إلى عشرات الآلاف من الوفيات الإضافية سنويًا في جميع أنحاء القارة.
القاتل الصامت
وتسلط الدراسة الضوء على التهديد المتزايد لموجات الحر، والتي غالبًا ما يطلق عليها “القتلة الصامتين” بسبب بدايتها التدريجية والمتواضعة. وعلى عكس الكوارث الطبيعية المفاجئة، يمكن أن تستمر موجات الحر لعدة أيام، مما يفرض ضغوطًا مطولة على الفئات السكانية الضعيفة، وخاصة كبار السن، والأفراد الذين يعانون من حالات مرضية سابقة، وأولئك الذين يعيشون في المناطق الحضرية مع محدودية الوصول إلى حلول التبريد.
وتقدم الدراسة أرقاماً مثيرة للقلق: فإذا استمرت الاتجاهات الحالية، فقد تشهد أوروبا نحو 90 ألف حالة وفاة سنوية مرتبطة بالحرارة بحلول عام 2100 في ظل سيناريو الانبعاثات العالية.
وبالمقارنة، أودت موجات الحر التي ضربت أوروبا خلال صيف عام 2003 بحياة نحو 70 ألف شخص.
وتوضح هذه الأرقام احتمالات المزيد من الخسائر المدمرة في الأرواح مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية.
وتحذر الدراسة من أنه في ظل هذا السيناريو الأسوأ، قد تشهد بعض البلدان في جنوب ووسط أوروبا، بما في ذلك إيطاليا وإسبانيا وفرنسا، ما يصل إلى 40 حالة وفاة إضافية مرتبطة بالحرارة لكل 100 ألف شخص سنوياً بحلول نهاية القرن.
الفئات السكانية المعرضةللخطر
وتوضح الدراسة كيف سيؤثر تغير المناخ بشكل غير متناسب على الفئات السكانية الضعيفة، بما في ذلك كبار السن والأطفال والأفراد الذين يعانون من حالات صحية مزمنة مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي، على سبيل المثال، تتوقع الدراسة أنه بحلول عام 2080، قد يمثل الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا أكثر من 70٪ من جميع الوفيات المرتبطة بالحرارة في أوروبا بسبب زيادة قابليتهم للإصابة.
ومن المتوقع أن تتحمل المناطق الحضرية، وخاصة تلك التي تفتقر إلى المساحات الخضراء والبنية الأساسية للتبريد الفعّالة، العبء الأكبر من التأثيرات.
وتشهد المدن تأثير “جزيرة الحرارة الحضرية”، حيث تحبس الخرسانة والإسفلت الحرارة، مما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير مقارنة بالمناطق الريفية المحيطة.
وفي مدن جنوب أوروبا مثل روما ومدريد، قد ترتفع الوفيات المرتبطة بالحرارة بما يصل إلى 20 حالة وفاة لكل 100 ألف شخص سنويًا بحلول عام 2080.
دور التكيف مع المناخ والتخفيف من آثاره
ورغم أن السبب الرئيسي وراء زيادة الوفيات المرتبطة بالحرارة هو ارتفاع درجات الحرارة العالمية، فإن الدراسة تؤكد أن استراتيجيات التكيف والتخفيف الفعّالة يمكن أن تقلل بشكل كبير من عدد الوفيات المتوقعة.
وفي ظل سيناريو يقتصر فيه الاحتباس الحراري العالمي على درجتين مئويتين، بما يتماشى مع اتفاق باريس، يمكن خفض عدد الوفيات المرتبطة بالحرارة بأكثر من النصف.
استراتيجيات للتكيف
وتحدد الدراسة عدة استراتيجيات للتكيف يمكن أن تساعد في التخفيف من تأثير الحرارة الشديدة.
وتشمل هذه إعادة تأهيل المباني لتحسين العزل، وزيادة إمكانية الوصول إلى تكييف الهواء، وتوسيع المساحات الخضراء الحضرية، وتنفيذ أنظمة الإنذار المبكر لإعداد السكان لموجات الحر الوشيكة.
ويؤكد الباحثون أيضًا أن حملات التوعية العامة يمكن أن تلعب دورًا حيويًا في مساعدة المجتمعات على تبني تدابير وقائية أثناء أحداث الحرارة الشديدة.
التداعيات السياسية
إن نتائج هذه الدراسة لها آثار عميقة على صناع السياسات الأوروبيين.
وتشير الدراسة إلى أنه في غياب التدخل، قد تشهد بلدان أوروبا ارتفاع معدلات الوفيات المرتبطة بالحرارة بما يصل إلى 30 ضعف المستويات الحالية بحلول نهاية القرن، على سبيل المثال، في أوروبا الوسطى، تتوقع الدراسة ارتفاعًا من 0.7 حالة وفاة لكل 100 ألف شخص في عام 2000 إلى 21.8 حالة وفاة لكل 100 ألف شخص بحلول عام 2100 في ظل سيناريو الانبعاثات الأعلى.
ونظراً لهذه التوقعات الصارخة، تدعو الدراسة إلى استثمارات فورية ومستدامة في تدابير التكيف مع المناخ والتخفيف من آثاره.
وسوف يكون تنفيذ التخطيط الحضري المتكيف مع المناخ، والإسكان الموفر للطاقة، والبنية الأساسية المرنة للصحة العامة أمراً بالغ الأهمية في منع الخسائر المدمرة في الأرواح.
ويشكل التعاون بين القطاعات المختلفة بين وكالات البيئة والصحة والتخطيط الحضري أمراً ضرورياً لإعطاء الأولوية للفئات السكانية الضعيفة وضمان الوصول إلى الموارد التي يمكن أن تخفف من آثار الحرارة الشديدة.